الجزائر – قدّم مؤخرا، المخرج دريس بن حديد فيلمه القصير “طين” الذي يكشف الخطر المحدق ببعض قصور تندوف العريقة، التي يقارب عمرها 3 قرون.
يتطرق الفيلم إلى تاريخ الجزائر وتراثها العريق من بوابة قصور تندوف التي تعاني، التي تحتاج إلى اهتمام أكبر من طرف السلطات المحلية والقائمين على التراث المادي في البلاد.
يسلط فيلم “طين” الضوء على أستاذ مادة التاريخ (أدّى الدور حمزة عبيدي)، تم فصله من التدريس بقرار مجحف، ليجد نفسه في الشارع، كما حال قصور عريقة بتندوف تجول بها، تعاني الإهمال واللامبالاة، آيلة إلى الانهيار. حيث كانت يوما ما رمز دينيا وحاضنة للكتاتيب والزوايا القرآنية.
يلفت العمل إلى أنّ “أهل هذه القصور “دويرية أهل العبد” غادرت المنطقة، هجرتها بحثا عن العيش، خاصة في ظل وجود خطر عليهم من انهيارها في أي لحظة، وبالتالي لم تبق سوى الجدران والأزقة شاهدة على عراقة هذا الكنز التراثي.
وقال المخرج بن حديد إنّ الفيلم يحكي عن “دويرية” أهل العبد وما آلت اليه من تدهور بسبب الإهمال والتقادم الفيلم يمثل صرخة من أجل إنقاذه وترميمه والمحافظة عليه، وللعلم الصرح المسمى دويرية أهل العبد عمره يقارب ثلاثة قرون وكان مكان لتصوير العديد من الأعمال التلفزيونية مثل فيلم “الجوهرة الضائعة 1996″، مسلسل “العباس بن مرداس 1998” من إنتاج جمعية للنسور للمسرح.
وأضاف دريس بن حديد في تصريح للجزائر الجديدة: “فكرة الفيلم تدور حول فصل أستاذ تاريخ من مهنته فيعيش حالة نفسية عصيبة وبالصدفة يمر بدويرية أهل العبد ويشعر بأنه ينتمي له وأنهما يعانيان نفس المصير وهو الاستغناء فالأستاذ تم الاستغناء عن خدماته التعليمية دون الأخذ بعين الاعتبار حبه لمهنته والاستغناء أيضاً عن الدويرة والقصر.”
وتابع قوله: ” وقد شاهدنا مشهد معانقة الأستاذ للجدران الطينية وسمعنا ترتيل القرآن الكريم بأصوات جزائرية جميلة وقد يفهم من ذلك أنين الطين وتوسله من اجل أن يتم ترميمه لتتوالى صرخاته حين يدخل الأستاذ إلى داخل دويرية أهل العبد ويشاهد بأم عينيه الحالة الكارثية التي يعاني منها المبنى ومما يحز في نفسه أكثر هو استذكاره لأطياف الأجداد”.
وواصل سرده قائلا: ” يشاهد بعض النسوة وهن يتحضر لحفل زفاف ويشاهد رجل يبني ويرمم القصر وأيضا العالم الذي يمر من أمام عينيه وهو يحمل المخطوطات التي كانت تحتوي على علوم كثيرة”.
وأوضح المخرج أنّ “العمل ارتكز على تقنية الواقعية الخيالية في بناء درامي تسلسلي جمع بين الماضي والحاضر وجمعنا بين فكرة الروائية والموضوع الوثائقي”.
واعتبر أنّه “اعتمد على مثلث التاريخ والتراث والمصير الواحد لكن اكتفى بطرح المشكل دون اقتراح الحل والحل هنا واضح وجلي وهو الترميم الذي من شانه أن ينقذ الدويرية من الانهيار، كما تعمدّ وضع مشهد الجرافة وهي في طريقها لهدم القصر وصرخة الأستاذ في وجهها بأعلى صوته”.
ووفقه ” رمزية الجرافة أننا كلنا نؤدي دورها، من خلال سكوتنا واهمالنا قلصورنا التاريخية، نهدمها بطريقة غير مباشرة ونهدم من خلالها ثقافاتنا وذكرياتنا وهويتنا”.
بخصوص تفاعل الجمهور ونشطاء مواقع التواصل، وصفه بـ الإيجابي في ظل غياب المسؤولين المحليين أثناء عملية تصويره بالدويرية.
والعمل من إخراج دريس بن حديد وإنتاج جمعية “صحرا للمسرح وفنون السمعي البصري”، بطولة حمزة عبيدي سعد، أمّا مساعد المخرج ومدير تصوير بلحسن حسين.
حسان مرابط